فضل الباقيات الصالحآت
إن
الله عز وجل قد خص أربع كلمات بفضائل عظيمة ، وميزات جليلة تدل على عظم
شأنهن ، ورفعة قدرهن ، وعلو مكانتهن ، وتميزهن على ما سواهن من الكلام ،
وهن : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ورد في
فضلهن نصوص كثيرة تدل دلالة قوية على عظم شأن هؤلاء الكلمات وما يترتب على
القيام بهن من أجور عظيمة وأفضال كريمة وخيرات متوالية في الدنيا والآخرة .
1- : :أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع ، لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر (1) : أربع هن من أطيب الكلام ، وهن من القرآن ، لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله ، والحمدلله ، ولاإله إلا الله ، والله أكبر )) (2
ومن فضائلهنأن
النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنهن أحب إليه مما طلعت عليه الشمس ـ أي :
من الدنيا ومافيها ـ لما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( ).
3- : :سبٍّحي
الله مائة تسبيحه ، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ،
واحمدي الله مائة تحميدةٍ ، تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في
سبيل الله وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنه مقلدة متقبلة ،
وهلّلي
مائة تهليلةقال
ابن خلف : ( الراوي عن عاصم ) أحسبه قال : ـ تملأ ما بين السماء والأرض ،
ولا يرفع يومئذٍ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيتٍ به )) (2) . قال
المنذري : (( رواه أحمد بإسناد حسن))(3) ، وحسن إسناده العلامة الألباني
رحمه الله (4وتأمل
هذا الثواب العظيم المترتب على هؤلاء الكلمات ، فمن سبح الله مائة ، أي
قال :
سبحان الله مائة مرة فإنها تعدل عتق مائة رقبة من ولد إسماعيل ، وخص بني
إسماعيل بالذكر لأنهم أشرف العرب نسباً ، ومن حمد الله مائة ، أي من قال :
الحمد لله مائة مرة كان له من الثواب مثل ثواب من تصدق بمائة فرس مسرجة
ملجمة ، أي عليها سراجها ولجامها لحمل المجاهدين في سبيل الله ، ومن كبر
الله مائة مرة ، أي : قال : الله أكبر مائة مرة كان له من الثواب مثل ثواب
إنفاق مائة بدنة مقلدة متقبلة ، ومن هلل مائة ، أي قال : لا إله إلا الله
مائة مرة فإنها تملأ ما بين السماء والأرض ، ولا يُرفَعُ لأحدٍ عملٌ إلا أن
يأتي بمثل ما أتى به
ومن فضائل هؤلاء الكلمات أنهن مكفرات للذنوب : ( )) حسَّنه الترمذي ، وصححه الحاكم وأقرَّه الذهبي ، وحسّنه الألباني (1والمراد
بالذنوب المكفرة هنا أي الصغائر ، لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي
الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول(( )فقيّد التكفير باجتناب الكبائر ، لأن الكبيرة لا يُكفرها إلا التوبةوفي
هذا المعنى ما رواه الترمذي وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم مر بشجرةٍ يابسةِ الورق فضربها بعصاه فتناثر الورق
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( ).
5- : :لقيت
إبراهيم ليلة أسري بي ، فقال : يا محمد أقرئ أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن
الجنة طيبةُ التربة ، عذبةُ الماء ، وأنها قيعانٌ ، غِراسها سبحان الله ،
والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر )) (4، وفي إسناد هذا الحديث عبد الرحمن ابن إسحاق ، لكن للحديث شاهدان يتقوى بهما من حديث أبي أيوب الأنصاري ، ومن حديث عبد الله ابن عمروالقيعان
جمعُ قاع ، وهو المكانُ المستوي الواسعُ في وطاةٍ من الأرض يعلوه ماء
السماء فيمسكه ويستوي نباته ، كذا في النهاية لابن الأثير(1، والمقصود أن الجنة
ينمو غرسها سريعاً بهذه الكلمات كما ينمو غراس القيعان من الأرض ونبتها
ومن فضائلهنأنه
ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعَمَّرُ في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه
وتهليله وتحميده ، روى الإمام
أحمد ، والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن عن عبد الله بن شداد :
أن نفراً من بني عُذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا ، قال :
فقال النبي صلى الله عليه وسلم(( .
).
.
7- :ن
الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهن لعباده ، ورتب على ذكر الله بهن أجوراً
عظيمة ، وثواباً جزيلاً ، ففي المسند للإمام أحمد ومستدرك الحكام بإسناد
صحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال (( ) وقد
زاد في ثواب الحمد عندما يقوله العبد من قِبَل نفسه عن الأربع ، لأن الحمد
لا يقع غالباً إلا بعد سبب كأكلٍ أو شربٍ ، أو حدوثِ نعمةٍ ، فكأنه وقع في
مقابلة ما أسدي إليه وقت الحمد ، فإذا أنشأ العبد الحمد من قبل نفسه دون
أن يدفعه لذلك تجدد نعمة زاد ثوابه
ومن فضائلهن أنهن جُنة لقائلهن من النار ،: (( : (( ).
:والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً )(3والباقيات أي : التي يبقى ثوابها ، ويدوم جزاؤها ، وهذا خير أمل يؤمله العبد وأفضل ثواب
9- ففي المسند للإمام أحمد ، وسنن ابن ماجة ، ومستدرك الحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( :).
:ألا يحب أحدكم أن يكون له أولا يزال له من يذكر بهفنسأل
الله أن يوقفنا للمحافظة والمداومة عليهن ، وأن يجعلنا من أهلهن الذين
ألسنتهم رطبةٌ بذلك ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعين